وقائع ليلة اعلان الاستقلال الحلقة الثانية/ الانتفاضة أحيت الحلم بقيام الدولة الفلسطينية

بقلم ممدوح نوفل في 10/11/1997

الحلقة الثانية
في 9/12/87 تفجر الحقد الفلسطيني ضد الاحتلال، وتفجر الاحباط من العرب والعالم، واليأس من إنتظار التحرير من الخارج، في إنتفاضة شعبية شارك فيها كل أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة. بدأت الانتفاضة بشرارة بسيطة حيث اطلق جنود الاحتلال نيرانهم على شاحنة فلسطينية، وقتلواعددا قليلا من المدنيين الفلسطينيين ينتمون لحركة الجهاد الاسلامي، الا ان نيرانها امتدت بسرعة، وبصورة غير متوقعة الى كل السهول والارياف والمخيمات والمدن الفلسطينية المحتلة منذ اكثر من عشرين عام. في البداية لم تقلق القيادة الاسرائيلية من اشتعال النيران الشعبية في وقت واحد وفي اكثر من مكان. وتعاملوا معها باعتبارها احداث شغب قوية ليست الأولى ولن تكون الاخيرة.. ويسهل السيطرة عليها بسهولة خلال ايام. وحاولت القيادة العسكرية الامنية اخمادها نيران الحريق بذات الوسائل القديمة التي كانت تعتمدها في قمع التحركات الشعبية الفلسطينية فلم تفلح. وخلال أسابيع قليلة إستطاعت الانتفاضة أن تذكر العالم من جديد بالظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني. وعززت ثقة الفلسطينيين داخل الوطن وخارجه بأنفسهم. وفرضت نفسها داخل المجتمع الاسرائيلي. ووضعت كل مواطن إسرائيلي أمام الحقيقة الفلسطينية التي هرب من الاعتراف بها أكثر من أربعين عاما. وخلقت وضعا نوعيا جديدا في الشرق الأوسط، ودفعت بالقوى الدولية المقررة للتحرك من جديد للبحث عن حلول للصراع الفلسطيني الاسرائيلي. حيث أكدت لها الانتفاضة أن حل هذا الصراع يجب أن يتم مع الفلسطينيين مباشرة، وأن الحلول بالواسطة العربية لم تعد مقبولة ولا ممكنة. وفرضت عليها البدء في إعادة النظر في مواقفها من مسألة التعامل المباشر مع م ت ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. فبعد أقل من ثلاث شهور من إنطلاق الانتفاضة تحرك شولتس وزير الخارجية الأمريكي الى المنطقة لاستطلاع الأوضاع فيها، ولإستكشاف نوعية الخطوات الدبلوماسية الممكنة، بعدما تبين له بأن الاجراءات العسكرية الاسرائيلية غير قادرة على إخماد الانتفاضة. وأن الانتفاضة قادرة على التواصل والمحافظة على زخمها القوي لفترة طويلة. وأن تواصلها قد يقود الى زعزعة الاستقرار الهش في اكثر من موقع. ومع تجديد تحركاتها بإتجاه حل قضايا المنطقة بدأت الادارة الأمريكية بالحديث عن الحقوق السياسية للفلسطينيين بعدما ظلت سنين طويلة ترفض إستخدام هذا التعبير، وترفض استخدام تعبير حق تقرير المصير.
في 7 نيسان 1988، أي بعد أربع شهور من عمر الانتفاضة، وجه الأتحاد السوفيتي دعوة لوفد من قيادة المنظمة برئاسة أبوعمار لزيارة موسكو. بعدما ظل خمس سنوات (1983-1988) يتهرب من توجيه الدعوة لهذا المستوى القيادي الفلسطيني. وحظيت تلك الزيارة باهتمام استثنائي لدى الاوساط السياسية والاعلامية العربية والدولية ولدى الاوساط الشعبية الفلسطينية. فبعد الاتفاق الأردني الفلسطيني فترت العلاقات الفلسطينية السوفيتية، حيث عارض “السوفيت” ذلك الاتفاق. وعملوا مع القيادتين السورية والليبية وبعض الفصائل الفلسطينية اليسارية والأحزاب الشيوعية العربية على إسقاطه. خشية أن يكون ممرا لكامب ديفيد جديد على الجبهة الأردنية الفلسطينية على حد تعبيرهم. وتعاونوا فيما بينهم على شق حركة فتح كبرى التنظيمات الفلسطينية كخطوة اولى على طريق شق م ت ف وخلق قيادة فلسطينية بديلة. وعملت سوريا بالاستناد لقوى فلسطينية ولبنانية على انهاء الوجود العسكري والتنظيمي لحركة فتح على الاراضي اللبنانية. وخلال فترة الانشقاق (83،84) وفترة الحروب على المخيمات الفلسطينية 85،86،87، تجنب الاتحاد السوفيتي توجيه دعوة لياسرعرفات لزيارة موسكو، كي لا يمنح المنظمة، الموقعة على إتفاق تم من خلف ظهره أي دعم في مواجهة خصومه. وبغض النظر عن دوافع حركة المنشقين بقياد ابو صالح وابوموسى وابو خالد العملة، التي اطلقت على نفسها “حركة الانتفاضة” فالثابت انها تلقت دعما سياسيا ومعنويا ومساعدات مادية وعسكرية واستخبارية من الليبيين والسوريين. ولم يحاول الاتحاد السوفيتي حليف البلدين تعطيل وقف الانشقاق والحد من تدخل السوريين والليبيين في الشؤون الفلسطينية الداخلية. والتاريخ وحده هو الكفيل بكشف الصلة بين إقدام المنظمة على التوقيع على إتفاق عمان وبين الاندفاع السوري والليبي المباشر في تشجيع ودعم حركة الانشقاق، وتشجيع حركة أفواج المقاومة اللبنانية (أمل) على شن الحروب على المخيمات الفلسطينية في لبنان.
بعد إنطلاقة الانتفاضة، وخلال زيارة الوفد الفلسطيني الى موسكو برئاسة أبوعمار وعضوية ابواللطف، محمود درويش، ياسرعبدربه، ابوعلي مصطفىالزبري، سليمان النجاب، عبد الله الحوراني عبر الجانب السوفيتي، وعلى لسان غورباتشوف أمين عام الحزب الشيوعي السوفيتي آنذاك، عن التضامن مع الانتفاضة ومع أهدافها العادلة. وعبر عن مشاعر الفخر والاعتزاز بنضال الشعب الفلسطيني العنيد من أجل انتزاع حقوقه الوطنية وتحرير أرضه من الاحتلال. وأكد غورباتشوف أن قناعة السوفيت “بأن الانتفاضة قادرة على الصمود في مواجهة القمع والارهاب الاسرائيلي لأنها تتمتع بميزة ديمقراطية عميقة نتيجة المشاركة الجماهيرية الواسعة فيها. وخلال تلك الزيارة حدد السوفيت من جديد رؤيتهم لعناصر التسوية العادلة لقضايا المنطقة وعبروا عن قناعتهم “بأن الانتفاضة قادت الى تغيير نوعي في الموقف الدولي من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ومن كل قضايا الشرق الأوسط، ولولاها لما تحركت الادارة الأمريكية ولما نشّطت مساعيها الدبلوماسية”. “وبان الوضع السياسي الراهن عالميا يعمل لصالح تحقيق تسوية عادلة في الشرق الاوسط”. واتفق الطرفان على انه لا يمكن اجراء التسوية بدون مشاركة الاتحاد السوفيتي الى جانب الولايات المتحدة، وبدون الاعتراف بدور م ت ف كطرف رئيسي في المؤتمر يمثل الشعب الفلسطيني. وان يستند المؤتمر الى مبدأ حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وقرارات الامم المتحدة ذات الصلة بهذا المبدأ كقاعدة من قواعد عمله وبخاصة القرارين 242 و 338. وخلال الزيارة ابلغت القيادة السوفيتية الوفد الفلسطيني بانها ابلغت الادارة الامريكية ” بان تحركها يأخذ بعين الاعتبار فقط مصالح طرف واحد وهو اسرائيل، وانها اذا كانت راغبة حقا في التوصل الى تسوية فان التسوية، اي تسوية، يجب ان تراعي مصالح جميع الاطراف وبشكل متوازن، وان عناصر التسوية ينبغي ان تتضمن شروطا ثلاث : الانسحاب التام من الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة. اقرار الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير مصير بنفسه واقادمة دولته المستقلة. ضمان الامن لجميع شعوب ودول المنطقة وفقا لقرارات الامم المتحدة الخاصة بذلك. وفي حينه ابلغ السوفييت الوفد الفلسطيني تقديراته، بان شامير قد توصل خلال زيارته الى واشنطن الى تفاهم مشترك بان يجري العمل على كسب الوقت حتى يتسنى لاسرائيل اتخاذ الخطوات والتدابير التي تكفل قمع الانتفاضة واخمادها. وخلال الزيارة عبر الوفد الفلسطيني عن التقائه مع الموقف السوفيتي بشأن اهمية انعقاد المؤتمر الدولي وشرح الاسس السياسية المتوازنة التي تعتمدها م ت ف وفي مقدمتها التمسك بجميع قرارات الامم المتحدة بشان القضية الفلسطينية التي توفر الحل العادل والشامل. وبصدد التمثيل الفلسطيني في المؤتمر الدولي اكد الوفد الفلسطيني ان ذلك يتم من خلال توجيه دعوة مستقلة الى منظمة التحرير، وانها يمكن ان تشترك بوفد مستقل او في اطار وفد عربي مشترك يضم بقية البلدان العربية المعنية. وايد الجانب السوفيتي هذا المطلب العادل لمنظمة التحرير. ولاحظ بان التطورات وبخاصة اندلاع الانتفاضة اثبتت استحالة استبعاد المنظمة عن حل ازمة الشرق الاوسط، وان اتساع الاعتراف الدولي بهذه الحقيقة يتزايد اكثر فأكثر ويحاصر الموقف الاسرائيلي المدعوم امريكيا. وتحدث الوفد الفلسطيني عن الجهود المبذولة لعقد قمة عربية طارئة من اجل دعم الانتفاضة وتوحيد الموقف العربي تجاه المسائل السياسية المطروحة. واكد الوفد الفلسطيني حرص م ت ف على على تصحيح العلاقة بين سوريا والمنظمة وطلب مساعدة السوفييت على هذا الصعيد، وابدى الجانب السوفيتي حماسا شديدا ووعد باستمرار بذل الجهود لتحقيق هذا الغرض .
أما على المستوى العربي فقد عززت الانتفاضة ثقة الشعوب العربية ومن ضمنها شعب فلسطين بنفسها. وأعادت الاعتبار للنضال الوطني الفلسطيني بعدما شوهته الصراعات الفلسطينية الداخلية، والحروب التي وقعت على الأرض اللبنانية. وأعادت الاعتبار أيضا لمنظمة التحرير الفلسطينية على المستوى الرسمي العربي بعدما نفرت بعض الأنظمة منها. وبعد 6 شهور من إنطلاقة الانتفاضة نجحت قيادة م ت ف في عقد مؤتمر القمة العربية، حيث التقى الزعماء العرب في الجزائر(7-9 حزيران1988) للبحث في سبل دعم الانتفاضة، وفي أسس توحيد الموقف العربي حول مفهوم تسوية النزاع العربي الاسرائيلي.وقببل مغادرتهم أرض الجزائر قرروا تقديم دعم مادي للانتفاضة من خلال مؤسسات م ت ف ، وجددوا التزامهم بأعتبار م ت ف هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ودعوا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الكبرى الى التحرك والضغط على اسرائيل لوقف أعمال البطش والتنكيل التي تقوم بها ضد شعب الانتفاضة، وطالبوا بتحرك فعال من أجل ايجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية وللنزاع العربي الاسرائيلي. وأعادوا التأكيد على إعتبار المؤتمر الدولي هو الاطار المناسب لذلك.
أواخر تموز 1988 أعلن الملك حسين عن فك الارتباط الأردني بالضفة الغربية، في وقت كانت اللجنة التنفيذية تعقد إجتماعها في بغداد. في حينه إختلف أعضاء اللجنة في تفسير الموقف الأردني.البعض إعتبره مؤامرة، وطالب بتبني موقفا يقول بأن الاجراء الأردني باطلا لأنه اجراء تم من طرف واحد، وبدون علم منظمة التحرير وبدون تنسيق مسبق معها. أما الرأي الآخر فقد إعتبره ثمرة من ثمار الانتفاضة. وطالب بالترحيب بالموقف الأردني والاعلان بأن م ت ف سوف تتحمل كامل مسؤولياتها إتجاه الأهل في الضفة الغربية التي نشأت بعد الخطوة الأردنية. وفي نهاية النقاش صدر بيان رسمي عن الاجتماع يحمل وجهة نظر الرأي الثاني.
وبعد أكثر من نصف عام على إنطلاقتها كانت الانتفاضة قد عمقت ثقة الفلسطينيين داخل الوطن المحتل وخارجه بأنفسهم. واستكملت إرسال شحنات قوية من برنامجها وتوجهاتها السياسية الواقعية للقيادة الفلسطينية. دعتها فيها الى إحداث تعديلات جوهرية على البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير الذي أقر في العام 1974. وطالبتها بتبني برنامج جديد يقوم على إساس الاعتراف بالقرارين 242و338 ، والاقرار بقيام دولتين لشعبين يهودية وفلسطينية على أرض فلسطين التاريخية. أي الاستعداد للاعتراف بوجود دولة اسرائيل ضمن حدود معترف بها، في حال تسليم اسرائيل والعالم بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة التي احتلتها اسرائيل في عام 1967.
خلال تلك الفترة وتحت ضغط الانتفاضة فتحت القيادة الفلسطينية ورشة حوار داخلي إستمرت ما يقارب ثلاث شهور. كان هدفها محاولة الوصول الى إتفاق بين فصائل الثورة الأساسية بشأن تعديل البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير، والاعتراف بالقرارين 242و338. والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود. وفي حينها ظهرت تباينات داخل كل فصائل الثورة دون إستثناء. وبدأ يتشكل في الساحة الفلسطينية تيار واقعي من مختلف الفصائل، داخل الارض المحتلة وخارجها. كان قاسمه المشترك الاقرار بدولتين لشعبين على أرض فلسطين التاريخية والاعتراف بالقرارين 242 و338 والاعلان عن قيام دولة فلسطين. وراح هذا التيار يضغط من داخل الوطن المحتل وخارجة على القيادة الفلسطينية وداخل الفصائل وعلى المستوى الوطني العام. وبعد جدال صعب وطويل وحوار ساخن، إستطاع هذا التيار أن يكوّن من نفسه الأغلبية الساحقة في حركة فتح وفي الحزب الشيوعي الفلسطيني وداخل الجبهة الديمقراطية. واستقطب حوله أغلبية واسعة من أعضاء المجلس الوطني ومن الشخصيات الوطنية الفلسطينية المستقلة داخل وخارج الأرض المحتلة.والحق يقال أنه لولا الانتفاضة ومارفعته من شعارات واقعية لما إستطاع هذا التيار أن يطرح أفكاره وأن يدافع عنها. فالانتفاضة كانت سندة القوي في مواقفه، فهي صاحبة فكرة تعديل البرنامج المرحلي وصاحبة فكرة الاقرار بدولتين للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي على أرض فلسطين التاريخية.
وعلى أبواب إنعقاد دورة المجلس الوطني عقدت القيادة الفلسطينية عدة اجتماعات، شارك فيها أعضاء اللجنة التنفيذية والأمناء العامون للفصائل وعدد واسع من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، ومن أعضاء المكاتب السياسية للمنظمات الفلسطينية المنضوية تحت لواء م ت ف. ويمكن القول أن إجتماع 6/10/1988 كان أهم تلك الاجتماعات. حيث تم تلخيص المناقشات السابقة وبلورة الاستخلاصات الأساسية. فبعد عودته من رحلته الى الصين والهند وبنغلادش دعا أبوعمار القيادة الفلسطينية للاجتماع، وكان واضحا أن حصيلة الاتصالات العربية والدولية الأولية شجعته على عقد العزم بإتجاه البت في الموقف. وفي حينه بدأ أبوعمار الاجتماع بعرض نتائج رحلته وقال “هناك إتفاق على أن الوضع الدولي يتجه نحو الوفاق. وأن سمة هذه المرحلة هي حل النزاعات الدولية بالمفاوضات. وأن الفرصة مواتية دوليا لحل المسألة الفلسطينية. وشددوا على أهمية أن لا يكون هذا الوفاق على حسابكم. وكل من قابلناه نصح بإستثمار الانتفاضة باسرع وقت ممكن. في الصين وافقوا على الدورات العسكرية التي طلبناها، وشددوا على السلامة الأمنية للقيادة الفلسطينية في هذه الفترة بالذات. وذات الشيء قال لنا العراقيون. وهناك معلومات بأن مجموعات تحركت من اسرائيل ومن احدى الدول العربية لاغتيال بعض القيادات الفلسطينية. كل الدلائل تشير الى إحتمال نجاح الليكود في الانتخابات الاسرائيلية، وهذا يطرح علينا ما العمل بعدها؟ واضاف لاشك أن ضمان إستمرار الانتفاضة وتصعيدها هي الورقة الأساسية التي نملكها والتي يجب أن نحرص عليها. الكويت قدمت خمسة ملايين دولار لدعم الانتفاضة، واللجنة الشعبية الكويتية قدمت مليون. القيادة الليبية وعدتنا بدفع مليون دولار شهريا لدعم الانتفاضة وطلبوا تقديمها مباشرة لمؤسسات الانتفاضة ومؤسسات المجتمع المدني داخل الأراضي المحتلة. إستجبنا لطلبهم ووضعنا أسماء المؤسسات وأرقام الحسابات في البنك العربي، رغم أن منطلقاتهم غير سليمة، ونامل أن يوفوا بوعدهم”.
وعن التوجهات الفلسطينية الجديدة قال “لا بد من برنامج معقول ومقبول”. ولخص المناقشات الطويلة السابقة على النحو التالي: “الخيارات التي توصلنا لها من مناقشاتنا السابقة هي: العودة للأردن وهذا الخيار مشطوب ويرفضه الجميع. أو الموافقة على الحكم الذاتي وهذا أيضا مرفوض. وهناك فكرة الاشراف والانتداب الدولي على الضفة والقطاع. وهناك فكرة إعلان دولة بدون حكومة. وفكرة إعلان دولة وتشكيل حكومة مؤقته. وفكرة تشكيل حكومة مؤقتة بدون إعلان دولة. والخيار الدولي هو أفضل الخيارات، لكنه مرفوض امريكيا وإسرائيليا وغير ممكن في الظرف الراهن. وهناك خيار جديد إشراف دولي تشترك فيه أوروبا وهذا أظنه مرفوض أيضا. وختم حديثه بالقول “نحن بحاجة الى إعادة إسم فلسطين. ولابد من متابعة إتصالاتنا ومشاوراتنا العربية والدولية. ومطلوب منا وضع تصورنا النهائي. وأن نقرر نهائيا متى نعقد المجلس الوطني. والأخوة الجزائرين بإنتظار الجواب”.
في حينه لم يتطرق أبوعمار من قريب أو بعيد الى مسألة إختيار رئيس لدولة فلسطين. وفي المناقشات التي تلت مداخلة أبوعمار لم يتطرق أي من الحاضرين لهذا الموضوع. وطرح على الاجتماع سؤال هل نعقد المجلس قبل الانتخابات الاسرائيلية و الأمريكية أم بعدهما ؟ خلال نقاش هذة النقطة تباينت الآراء. فهناك من كان يرى ضرورة عقده قبل الانتخابات الاسرائيلية معتقدا أن هذا التوقيت يضع الاسرائيليين والأمريكان وجها لوجه أمام الموقف الفلسطيني وهناك من كان يرى عكسى ذلك، وأن إعلان الموقف والتوجهات الفلسطينية الجديدة قبل الانتخابات يخضعها للمزايدات الانتخابية ويدفع بالمرشحين الى اتخاذ مواقف متطرفة منها. ويفرض عليهم إلتزامات يصعب عليهم التنصل منها بعد الانتخابات. في حينه قال أبوعمار: “المصريون نصحوا بعقد المجلس بعد الانتخابات” وأضاف ” أنا مع الأخذ بالنصيحة المصرية رغم أنهم أصحاب كامب ديفيد. ونحن نريد أكل العنب وليس مقاتلة الناطور”. ولم يشأ أي من الحاضرين أن يجعل من هذة المسألة قضية خلافية كبرى طالما أن الفرق الزمني سوف يكون بضعة أيام.