التصويت للطريق الثالث تصويت للتجديد والديمقراطية والاصلاح

بقلم ممدوح نوفل في 14/01/2006

يجمع الفلسطينيون من رفح حتى أريحا وجنين على أن النظام السياسي الفلسطيني، بشقيه سلطة ومعارضة، قوى وطنية و”ديمقراطية” “إسلامية”، يعيش منذ مدة طويلة أزمة فكرية وسياسية وتنظيمية حادة ومركبة. وهذه الأزمة تتجلى بوضوح في فشل هذه القوى في معالجة هموم الوطن الكبيرة وقضايا المواطن الأساسية. ولا يتوقف الأمر عند حدود تراجع دورها في الصراع ضد الظلام والجهل الفقر والمرض والفساد وضد الاحتلال، بل طالت الأزمة وجودها ذاته، واتسعت الهوة بينها وبين الناس في الضفة والقطاع وضمر ثقلها في الشارع الفلسطيني، وبلغ التدهور درجة انفضاض نسبة مهمة من الكوادر والقواعد المناضلة عنها.

وتبين استطلاعات الرأي العام داخل الوطن ان هذه القوى لا تستقطب في صفوفها النسبى العظمى من القوى الحية والفاعلة في المجتمع. وأن أكثر من 40% من الجمهور الفلسطيني في الضفة والقطاع لا يرى في اي من القوى والحركات الوطنية والاسلامية اطارا يستوعب طاقات الشعب النضالية ويحقق اهدافه الوطنية في نيل الحرية والاستقلال، بدءا من “فتح” حزب السلطة وانتهاء بحركتي “حماس” والجهاد الاسلاميتين. والفلسطينيون في الضفة والقطاع سئموا الشعارات الرنانة الكبيرة والمتطرفة، وباتوا مقتنعين بأن هذه القوى غير قادرة على انقاذ الوطن وتخفيف معاناة المواطن وتلبية الطموح في بناء نظام ديمقراطي يضمن تداول سلمي للسلطة.

ومن البديهي القول ان هذه النسبة العالية من الجمهور الفلسطيني تملك مخزونا نضاليا كبيرا، وتبحث عن طريق جديد، وعن اطار تنظيمي وطني ديمقراطي تعبر من خلاله عن ذاتها، وتوحد فيه جهودها وطاقاتها وتنظم اعمالها. إنه طريق ثالث، تشقه بحيوية وتندفع فيه بقوة من اجل التغيير والاصلاح وبناء نظام ديمقراطي صالح. طريق يتجاوز أخطاء الماضي يختلف عن الطريق الأول الذي سلكته الاحزاب والقوى الوطنية المشاركة في السلطة. وهو أيضا غير طريق التطرف والعدمية الذي تسير فيه بعض الحركات والاحزاب المحافظة والدينية والمتطرفة. وكلا الطريقين اختبرهما شعب فلسطين وتبيّن له فشل أصحابهما في تحقيق الاهداف الوطنية والديمقراطية، وإن السير فيهما لا يقود الى النصر ويزيد في خسائر الناس ومعاناتهم.

اعتقد ان المحاولة الشجاعة التي يقودها د سلام فياض واخوانه في كتلة الطريق الثالث تؤمن للفلسطينيين في كل مكان الطريق الاسلم والصحيح لتحقيق الاهداف، وتوفر للطلائع البديل الوطني الديمقراطي المطلوب. ومما لا شك في ان نجاح أنصار “الطريق الثالث” في توصيل عدد كبير من الكتلة الانتخابية، بقيادة عدو الفوضى والفساد رجل الاصلاح د سلام فياض، الى المجلس التشريعي يمكّن هذا التيار العريض من ترجمة برنامجه الوطني السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وتحويله من برنامج خاص بكتلة وتيار الى برنامج وطني جاذب، والى سياسة رسمية. وان دخول هذا التيار الوطني الديمقراطي العريض الى المجلس التشريعي بقوة يسهل العمل على بناء كتلة برلمانية قوية فعالة ضمن اطار تنظيمي ديمقراطي عريض متكامل، يكفل ترسيخ العملية الديمقراطية كمفهوم وممارسة. ومثل هذا الحضور القوي في المجلس التشريعي يوفر اساسا متينا لاستمرارية دور التيار الديمقراطي الاصلاحي وتطويره. والتحول الى قطب تنظيمي داخل المجلس يجذب الديمقراطيين دعاة التجديد والتغيير والاصلاح، ويوحدهم في اطار ديمقراطي، ويسهل على اتباع هذا النهج التغييري التحول من تيار انتخابي تمثله كتلة برلمانية الى تيار سياسي منظم له هياكله واطره التنظيمية في كل زاوية من زوايا الوطن، قادرة على توسيع انتشاره ونشر افكاره في صفوف الناس في الداخل والخارج.

اعتقد ان هذه الرؤية الوطنية الاستراتيجية تستحق الشغل، في الاسبوعين القادمين، بدأب ومثابرة في صفوف الناس وتحقيق أكبر قدر من النجاح. وهو في كل الاحوال نجاح يتجاوز مكاسب الافراد او الكتلة الانتخابية، انه نجاح لجميع الوطنيين الديمقراطيين دعاة الديمقراطية والتجديد والاصلاح والطامعين بحياة أفضل.