رسالة سياسة إلى ابو عمار

بقلم ممدوح نوفل في 02/11/1996

سيادة الاخ ابوعمار رئيس دولة فلسطين/ حفظه الله
تحية طيبة

بداية اسمحوا لي ان اقول اعانكم الله على مواصلة حمل الامانة في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة. وان يعطيكم الصحة، ويمكنكم من اتخاذ القرارات الصائبة، وتحديد التوجهات القادرة على مواجهة التحديات الكبيرة المفروضة على شعبنا، وانت ادرى الناس بحجمها وطبيعتها.
سيادة الاخ الرئيس: في اطار التشاور الجاري بشأن اعادة تشكيل الحكومة الفلسطينية اسمحوا لي ان ادلي برأيي، واقدم لكم وجهة نظري المتواضعة حول الموضوع:
اولا/ ان قراركم بشان اجراء التعديل في هذا الوقت بالذات صائب، وياتي في الوقت المناسب. فنحن نقف الان على اعتاب مرحلة انتقالية جديدة من العلاقة مع الاسرائيليين، قد تمتد حتى عام 2000م. عناوينها الرئيسية استمرار تجميد عملية السلام “عمليا” على مسارها الفلسطيني، وتصاعد حدة التوتر السياسي مع حكومة الليكود، واستمرار التقاعس العربي. وتوقع تزايد الضغوط الخارجية، ومحاولة اللعب والتدخل بشؤوننا الداخلية عبر قوى محلية.
ثانيا / ان قدرنا النهوض باعباء هذه المرحلة بالاعتماد كفلسطينيين اولا وقبل اي شيء آخر على طاقاتنا الذاتية، وتحصين اوضاعنا الداخلية، وتطوير ما تم انجازه، واستمرار انتهاج سياسة واقعية. وعدم انتظار مواقف نوعية داعمة عربية او اسلامية او دولية وامريكية.
ثالثا/ في مواجهة استحقاقات المرحلة والنهوض بمهامها اتمنى ان يحقق التعديل الوزاري:
1ـ تغيرا جوهريا وشاملا في تركيبة الهيئات القيادية الوطنية، وفي آلية علاقاتها بعضها ببعض، ونظام مراقبتها ومحاسبتها. وان لا يكون تعديل شكلي او املاء شواغر فرضها الله. واذا كان لابد من مراعاة التمثيل السياسي فمن الضروري فرض ذوي الكفاءة والاختصاص والسمعة النضالية الحسنة في اطار هذا التمثيل، ومن خارجه.
2ـ احياء وتفعيل دور منظمة التحرير باعتبارها الاطار الوطني القادر على استنهاض وتفعيل طاقات شعبنا داخل وخارج الوطن، وتمتين وحدته الوطنية. والتجربة بينت ان الدمج في الاجتماعات وفي العضوية بين اللجنة التنفيذية ومجلس الوزراء ولجنة المفاوضات، اضعف دور السلطة الوطنية، ولم يقوي مؤسسات منظمة التحرير. واعتقد بان تفعيل دور اللجنة التنفيذية كقيادة يومية لكل الشعب الفلسطيني وكمرجعية للحكومة، وللجنة المفاوضات، يتطلب عقد اجتماعاتها بصورة دورية منتظمة، وتفرغ اعضائها لمهامهم اليومية الواسعة. واذا كان حق المعارضة رفض المشاركة في الوزارة فالواجب الوطني يفرض عليهم الالتزام بقضايا الشعب والوطن في اطار المنظمة. وأظن بان عقد اجتماعات مستقلة للتنفيذية يسهم في اعادتهم للمنظمة واستيعاب طاقاتهم في اطارها، ويسهم في تفعيل طاقات كل تجمعات شعبنا.
3ـ تدعيم استقرار السلطة وتحسين صورتها الداخلية والخارجية، وتعزيز مصداقيتها في صفوف اهلنا في الضفة والقطاع، وتطوير الاداء الفردي والجماعي للوزراء. وهذا يتطلب ابعاد من اتهم بالفساد وبالترهل، واستغلال الموقع، حتى لو تم الحاق الظلم ببعض الافراد. وادخال دماء جديدة لها مصداقية وسمعة نضالية في صفوف الناس، واحالة المترهلين والمستحقين من كبار السن للتقاعد. ودمج بعض الوزارات التي لا مبرر لوجودها منها مثلا وزارة الشؤون المدنية. وفصل بعض الوزارات المدموجة منها مثلا وزارة التخطيط والتعاون الدولي. فمهام الاولى يمكن تقسيمها بين وزارة الحكم المحلي، ووزارة الداخلية، ولجنة المفاوضات. ومهام التخطيط الوطني يصعب متابعتها في اطارها الحالي.
4ـ اعادة احياء اللجنة العليا لادارة شؤون المفاوضات كمؤسسة وربطها باللجنة التنفيذية للمنظمة باعتبارها المرجعية الاول. لاسيما وان قضايا المفاوضات القادمة وجوهرها اللاجئين والارض، تقع ضمن نطاق مهامها. والتجربة بينت ان دمج الاجتماعات وطرح قضايا المفاوضات على اجتماع القيادة وفي اطار مجلس الوزراء الموسع تم على حساب التخطيط الدقيق للمفاوضات ولعمل الوزارات.
سيادة الاخ الرئيس
هذه بعض الافكار الاولية، والمهم ان يقود التعديل الى توسيع القاعدة الشعبية للسلطة. واجدد لكم استعدادي الكامل للنهوض باية مهام عملية تسند لي في هذه الظروف الصعبة. وادعو الله ان يمدكم بالصبر، وبالطاقة والقدرة اللازمة لاستكمال قيادة المسيرة واستكمال عملية التحرر والاستقلال الوطني وبناء الدولة القوية على ارضنا المقدسة.

ودمتم للنضال ولتحقيق اهداف شعبنا