رسالة سياسية حول اجتماعات المجلس المركزي

بقلم ممدوح نوفل في 20/10/1992

لاطلاع جميع الهيئات والوحدات الحزبية

في 15 اكتوبر الجاري عقد المجلس المركزي الفلسطيني دورة اعمال عادية، شارك فيها 85 عضوا من أصل 104 اعضاء يمثلون كافة القوى السياسية والشخصيات الوطنية والمنظمات والاتحادات الشعبية الممثلة في المجلس. وكالعادة لم يشارك ممثلو الصاعقة والقيادة العامة الذين يقاطعون اجتماعات المجلسين الوطني والمركزي منذ ما يقارب العشر سنوات. ونظرا لخصوصية الدورة وما رافقها من أجواء فلسطينية متوترة، فقد عقدت القيادة الفلسطينية(1) اجتماعا خاصا مساء 14 اكتوبر للتدقيق في جدول الأعمال وتم تثبيت نقاطه بصورة نهائية على النحو التالي:
1) تقييم الجولة السادسة من المفاوضات.
2) الموقف من الجولة السابعة.
3) الانتفاضة والوضع في المناطق المحتلة.
4) الوحدة الوطنية الفلسطينية وسبل تعزيزها.
5) الاوضاع والعلاقات العربية.
6) قرارات المجلس الوطني بشأن عضوية الداخل (186).
7) تعزيز دور مؤسسات م.ت.ف.
8) أية قضايا مستجدة.

وقبل الدخول في عرض المواقف والاتجاهات السياسية والتنظيمية التي ظهرت خلال المناقشات او النتائج السياسية والتنظيمية التي تم التوصل لها، لعله من الضروري الاشارة الى الاجواء السياسية الداخلية والخارجية التي أحاطت بانعقاد هذه الدورة. فالمعروف ان المعارضة الفلسطينية عمدت الى تصعيد مواقفها على أبواب هذه الدورة حيث نظمت اوضاعها الداخلية، وجمعت نفسها في اطار تنظيمي واحد (جبهة رفض جديدة) انبثق عنه قيادة عمل يومية، وضعت في حالة تأهب واستنفار دائم حسب ما ورد في بيانات “الفصائل العشرة”. ورتبت علاقاتها الخارجية بما في ذلك تأمين الدعم المالي والاسناد السياسي الايراني والسوري.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صيغة تنظيمية اعتبارية، يشارك فيها عادة اللجنة التنفيذية+ الامناء العامون للفصائل المنضوية تحت لواء م.ت.ف+ ممثلين عن كل الفصائل. دعي لهذا الاجتماع لامتصاص الاجواء المتوترة، فجدول الاعمال محدد ومتفق عليه مسبقا. وشارك فيه ممثلو الشعبية (تيسير قبعة عبد الرحيم ملوح)، وتنظيم حواتمة (تيسير خالد، ساجي سلامة)، أما الجبهة فقد تمثلت بالرفاق ياسر عبد ربه، صالح رأفت، ممدوح نوفل. وحضر الاجتماع من الفريق المفاوض الاخوة والرفاق فيصل حسيني، د.حيدر عبد الشافي، صائب عريقات، زكريا الاغا، غسان الخطيب والرفيقين نظمي الجعبة وعزمي الشعيبي.
ورغم الاتفاق المسبق على مكان وزمان دورة المجلس، بادرت الشعبية وتنظيم حواتمة يوم 11 اكتوبر الى طلب تأجيل دورة المجلس المركزي لحين “اجراء حوار وطني شامل”(2). ومما لفت الانتباه أن طلب التأجيل ظهر في صيغة عريضة، وصلت للصحف ووكالات الانباء قبل ان تصل الى القيادة الفلسطينية، وجاءت قبل ثلاثة أيام من موعد الدورة الذي تحدد بالاتفاق مع الجميع بما في ذلك الشعبية وتنظيم حواتمة، وبعدما وزعت الدعوات على الاعضاء، وايضا بعد ظهور التوتر على سطح العلاقات الفلسطينية السورية وتأجيل زيارة الوفد الفلسطيني برئاسة الاخ رئيس اللجنة التنفيذية الى دمشق.
في ضوء هذه القراءة لاهداف طلب التأجيل، اتخذت القيادة الفلسطينية قرارا بتجاهل طلب المعارضة وعقد المجلس المركزي في الزمان والمكان اللذين حددا له. وترك للجبهة الشعبية وتنظيم حواتمة ومن زوروا توقيعهم او وقع فعليا، الخيار بين المقاطعة او الحضور. وبهذا القرار وجدت الشعبية وحواتمة أنفسهم امام مأزق حقيقي. فهم يعرفون ان مغادرة ومقاطعة مؤسسات م.ت.ف تعني الانعزال عن الشعب الفلسطيني والوقوع في أسر الانظمة. فكان خيارهم التراجع غير المنظم عن مواقفهم، فقرار عقد المجلس في موعده وعدم مراجعتهم وضيق الوقت الذي حشروا أنفسهم فيه لم يسمح لهم بتنظيم تراجعهم عن مواقفهم الخاطئة والتي لم يعترفوا بخطأها على المستوى الوطني ولا نظن أنهم اعترفوا به مع دواخلهم.
ومع حضور الشعبية وتنظيم حواتمة وبالظروف التي حضروا فيها، كان واضحا لجميع المراقبين السياسيين الذين شاركوا في أعمال المجلس او الذين راقبوه من الخارج، ان المعركة السياسية حول القضايا الساخنة (المفاوضات والوحدة الوطنية) قد حسمت قبل بدء اعمال المجلس. فالنقاط الاخرى المدرجة على جدول الاعمال بعضها اما لا خلاف حولها او ان الخلاف بشأنها بسيط ومن النوع الذي يمكن معالجته.

فقد أظهرت مناقشات المجلس ومناقشات لجنة الصياغة وحدة (لفظية) في الموقف من قضايا الانتفاضة والوضع داخل الوطن المحتل، ومن مسألة العلاقات والاوضاع العربية، ومن مسألة استكمال اعضاء المجلس الوطني من الداخل 186(3)، ومسألة تعزيز مؤسسات م.ت.ف، واحياء أمانة بلدية
ــــــــــــــــــــــــــــ
(2) يقصد منه حوار الفصائل العشرة مع القيادة الشرعية للمنظمة وان يتم خارج الاطر والمؤسسات الفلسطينية. والهدف من ذلك هو انتزاع الاعتراف بوجود مركز قيادي موازي للقيادة الشرعية للمنظمة. والدعوة ليست بريئة فهدفها شل دور المؤسسات الرسمية التشريعية والتنفيذية الفلسطينية من خلال ربط انعقاد المجلس المركزي بالحوار مع الصاعقة وابو موسى والقيادة العامة ونتائجه المعروفة سلفا.
(3) منذ ما يزيد عن عشر سنوات اتخذ المجلس الوطني قرارا بتخصيص 186 مقعد لتمثيل الداخل، وعلى امتداد دوراته السابقة أكد المجلس على ذات القرار. وفي الدورة العشرين ومع تشكيل المجلس السابع الجديد وتوسيعه، تم التأكيد على ذات القرار مع رفع العدد الى ما يقارب ال 200 عضو. وكلف المجلس في حينها هيئة الرئاسة واللجنة التنفيذية بتسمية العدد عندما تسمح الظروف بذلك.
القدس. خاصة وان المعارضة تحاشت الافصاح عن موقفها بشأن مستقبل وضعها في القيادة الوطنية الموحدة وبقية مؤسات وأطر الانتفاضة والعمل الوطني في الوطن المحتل. وتحاشت ايضا اثارة كل ما من شأنه توتير الاجواء داخل المجلس او في لجنة الصياغة بشأن المشاكل الاخرى المذكورة اعلاه.

وأكثر ما لفت انتباه أعضاء المجلس والمراقبين هو تجاهل ممثلي حواتمة لأي حديث عن موضوع اجراء الاستفتاء الذي طالما أكثروا الحديث عنه في بياناتهم العلنية. أما الشعبية فقد مروا عليه مرور الكرام ولم يستغرق عرضهم للموضوع أكثر من ذكر اسمه فقط، وعندما سئلوا عن امكانية تنفيذه في الداخل والخارج حسب طلبهم كان ردهم ضعيفا أي أنهم لم يجعلوا منه قضية نقاش. وظهر لأعضاء المجلس والمراقبين أن المعارضة ليست جادة في طرح فكرة الاستفتاء وهدفها من اثارة الموضوع لا يتعدى حدود المناكفات.

ويمكن القول ان قرارات المجلس (المرفقة) المتعلقة بالانتفاضة واستكمال عضوية المجلس وامانة بلدية القدس والاوضاع والعلاقات العربية صدرت بالاجماع ولم تكن موضع اعتراض اي من الاعضاء. أما مسألة تعزيز الوحدة الوطنية فرغم عدم الاعتراض على نص القرار الخاص بها، الا انها لم تكن لا موضع اجماع، ولا موضع فهم موحد او مشترك. فعدم اعتراض المعارضة وعدم تحفظها على القرار لا يعني بالضرورة الالتزام مستقبلا بما جاء فيه، كما لا يعني انهم غيروا من قناعاتهم، أو أنهم بصدد فرط “جبهة الرفض العشارية”. فمداخلات الشعبية وانسحاب تنظيم حواتمة من الجلسة الاخيرة للمجلس تؤكد أنهم ماضون في شق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتؤكد أن حضورهم للمجلس وموافقتهم او صمتهم على القرار لم يكن سوى انحناءة مؤقتة امام العاصفة الوطنية القوية التي هبت في مواجهة “جبهة الرفض الجديدة” داخل المجلس وخارجه. فانتقال الشعبية وتنظيم حواتمة الى مواقع حماس، والى خوض معركة الاعتراض من خارج الاطر والمؤسسات لم يكن وليد نقص في المعلومات. ومن الخطأ اعتباره موقفا تكتيكيا له اغراض آنية مباشرة.

ان اقدام الشعبية على تشكيل “جبهة رفض جديدة” هو نتيجة طبيعية لموقفهم من عملية السلام ومن مبدأ التسوية مع العدو ومبدأ المساومات. وللمفهوم الفصائلي للوحدة الوطنية والنظرة الفصائلية للمؤسسة (م.ت.ف) ولدور المعارضة فيها، ونتيجة طبيعية لتأثيرات الفكر القومي المتطرف، وللمركزية الشديدة التي يقوم عليها التنظيم والذي يعرقل التفاعل الداخلي ويؤخر التجاوب مع التطورات والمستجدات السياسية النوعية. أما تنظيم حواتمة فيمكن القول أن انخراطه في جبهة الرفض الجديدة هو نتيجة لذات الاسباب والدوافع التي دفعت الشعبية مضافا لها نمو نزعة تدميرية في صفوف قيادتهم نبعت من حالة اليأس والاحباط وفقدان الثقة بالذات وبالحركة الوطنية الفلسطينية ككل، وبامكانية ايجاد موقع متميز فكريا وسياسيا في اطارها، خاصة بعد انتقال ثقل حركة النضال الفلسطيني للداخل، وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية، وانهيار الماركسية اللينينية، وبعد التطورات الفكرية والتنظيمية التي شهدتها الجبهة والتي لم يستطيعوا مواكبتها. ولا مبالغة في القول ان جبلا من الحقد الذاتي الشخصي والتنظيمي قد يكون عندهم ضد م.ت.ف وضد الجبهة وضد كل حلفائها السياسيين. وان هذا الحقد هو الذي دفعهم للجوء الى الانتحار الذاتي بالانسحاب من الجلسة الاخيرة للمجلس والذي تم دون ان يجد من يأسف عليه حتى من شركائهم في “القيادة المشتركة”!!، الذين تعاملوا معه بشيء من الاستهتار والكثير من السخرية.

وعند مناقشة موضوع الوحدة الوطنية برز من المعارضة مفهوما خطيرا جديدا لها. وهو مفهوم لشرعية القرارات بالعددية السياسية وليس بعدد اصوات اعضاء المجلس. فقد طالبت المعارضة بعدم اللجوء الى التصويت لان النتيجة معروفة سلفا على حد تعبيرهم، وطالبوا باعتماد عدد الفصائل المؤيدة او المعارضة كأساس لاتخاذ القرارات. لا شك أن لجوء المعارضة لهذا الطرح المتعارض مع مبدأ الديمقراطية يكشف زيف المناداة بالديمقراطية والمطالبة بأخذ رأي الشعب (الاستفتاء). فهو دعوة صريحة لعقد صفقة بين الفصائل من خلف ظهر الشعب. ومن حق الجميع أن يسأل وخاصة الشخصيات الوطنية المستقلة عن تعريف الفصيل الذي له الحق في المشاركة في الصفقة. وهل الفصائل العشرة هي عشرة قوى؟؟ ألا يوجد في صفوف شعبنا شخصيات وطنية مستقلة عن الفصائل، ومؤسسات مستقلة عن الفصائل لها وزن وثقل في صفوف الشعب يعادل وزن وثقل فصيلين ان لم يكن أكثر؟؟.

اننا نعتقد ان طرح المعارضة لمثل هذا المفهوم الجديد ليس سوى تعبير عن المأزق الذي تعانيه بسبب من شعورها بالعزلة عن الشعب، وهي طريقة غير موفقة لشل القرار الوطني الفلسطيني وشل دور الاغلبية. فالمعارضة تعرف ان موقفها هذا يعني حرمان اغلبية الشعب الفلسطيني من حقه في ابداء رأيه، فهم يعرفون ان الاغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني لا تنتمي لأي من الفصائل، ويعرفون ان نادي رياضي في احد مخيمات الضفة والقطاع له من الثقل والسمعة والدور في صفوف الشعب أضعاف ما تتمتع به بعض ما يطلق عليهم اسم فصيل ع تقديرنا العالي لدور الجميع. ودعوة المعارضة لاعتماد العددية السياسية في اتخاذ القرارات الوطنية كبديل عن التصويت تعني اعدام مباشر للرأي الاخر داخل الفصائل وعلى المستوى الوطني العام. وهي في الوضع الفلسطيني الراهن وفي الحالة التي تعيشها الفصائل تعني وضع مصير الشعب الفلسطيني بيد الامناء العامون للفصائل اي بيد ما لا يتجاوز عشرة او خمسة عشر شخصا في حال احتساب جميع الفصائل. او وضعه في احسن الاحوال بيد اعداد محدودة من المتنفذين في المكاتب السياسية لهذه الفصائل. ورهن كل القرارات الوطنية باتفاق او اختلاف هذا العدد المحدود من القيادات. فالمعروف ان مبدأ المركزية الديمقراطية المبنية على اساسه معظم الفصائل يلخص موقف الفصيل بموقف الامين العام شخصيا او هو ومن معه في المكتب السياسي في احسن الاحوال.

ان طرح المعارضة لهذا المفهوم المدمر للديمقراطية الفلسطينية ونقله من التعاميم الداخلية والتصريحات الدعاوية الى داخل المجلس المركزي يؤكد انها تبحث عن مبررات وذرائع للمضي قدما في خطواتها الانقسامية التي بدأتها بالبيان الاول الصادر عن “العشرة فصائل”. ولا نظن ان رفض المجلس اعتماد هذا المفهوم العجيب الغريب للديمقراطية كان كافيا لدفع المعارضة للتراجع عنه وعدم استخدامه في خطابهم السياسي في المرحلة اللاحقة. مما يفرض على كل المؤمنين حقا بالديمقراطية وكل الحريصين على عدم تشويهها مواصلة النضال الفكري ضده والحاق الهزيمة الكاملة به وشطبه نهائيا من الفكر السياسي الفلسطيني، وحذفه من العلاقات الفلسطينية الداخلية.

وعند مناقشة المجلس المركزي للجولة السادسة من المفاوضات، ظهر بوضوح تمترس المعارضة خلف مواقفها السابقة. فقد حافظت الشعبية على موقفها الرافض لكل مؤتمر السلام باعتباره مشروعا امريكيا يدمر ويصفي قضيتنا الوطنية، وطالبت بالانسحاب من المفاوضات ونقل كل الملف الى مجلس الامن الدولي. وتبين ان تصعيدهم في الاونة الاخيرة لخطواتهم المعارضة للمفاوضات ناتج عن سوء تقدير وأخطاء في فهم وتحليل مواقف الاطراف المشاركة في المفاوضات. لقد ظنوا ان الاتفاق على المرحلة الانتقالية وعلى قيام الحكم الفلسطيني الانتقالي امرا مفروغا منه وان الاتفاق حولها جاهز بانتظار الاخراج. أما ممثلوا تنظيم حواتمة في المجلس فلم يستطيعوا الدفاع عن موقفهم حيث بات غير مفهوما خاصة وانهم ليسوا ضد المفاوضات من حيث المبدأ، ومستند اعتراضهم على هذا الصعيد سواء في المتعدد الاطراف او في الثنائي والذي بلغ حد الاعلان رسميا عن مشاركة الوفد الفلسطيني في اعمال القيادة الفلسطينية واعمال المجلس المركزي ذاته.

ويمكن القول ان المنافشات الموسعة والغنية التي جرت داخل المجلس حول المفاوضات الفلسطينية -الاسرائيلية ، لم تكن مناقشات بني المعارضة (الاقلية المحدودة) والاغلبية الساحقة المؤيدة لعملية السلام. وانما كانت في معظمها مناقشات جادة داخل الاتجاه الواقعي، حيث تركزت حول تكتيك التفاوض الفلسطيني في الجولة السابعة، وحول المواقف المحتملة للجانب الاسرائيلي وللراعي الامريكي في ضوء ما قدم من اوراق في الجولة السادسة وفي ضوء التغيير المحتمل في الادارة الامريكية وفي ضوء الاتصالات الواسعة التي قامت بها م.ت.ف مع العديد من الاطراف العربية والدولية.
وكان المجلس ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الوفد الفلسطيني خلالها جردة تفصيلية لمواقف مختلف الاطراف وطرح رؤية الوفد واستخلاصات الموقف الفلسطيني في الجولات اللاحقة وفي العلاقة مع الاطراف العربية الاخرى المشاركة في المفاوضات.
اما موقف المعارضة فلم يكن سوى تكرار لذات المواقف المعروفة، واكتفت المعارضة بتسجيل موقفها وم تتردد في التهديد بشق الوحدة الوطنية الفلطسينية في حال حصول تقدم في المفاوضات. ولعل انسحاب ممثلي حواتمة من الجلسة الاخيرة هو الترجمة مسبقة للمواقف التي قد ترسوا عليها المعارضة في الشهور القليلة القادمة. وفي هذه الدورة من اعمال المجلس ظهر لجميع المراقبين قلة الاعداد المعارضة، وضعف دفاعاتها عن مواقفها، وخطأ منطلقاتها والتي تقوم على اعتبار ان ما يطرحه العدو من مواقف وافكار هي نتائج حتمية للمفاوضات. فالمفاوضات من وجهة نظرهم تغطي على الاستيطان، وتديم الاحتلال، وتشق وحدة الشعب، وتدمر المنظمة. لقد تسائل الدكتور حيدر في معرض رده على اطروحات المعارضة عن الاسباب التي تدفعهم للجزم بان الجانب الفلطسيني مسلم للعدو باطروحاته. وتسائل اليس تجربة عام من المفاوضات كافية لتوليد قناعة بأن الوفد الفلسطيني ملتزم بالدفاع عن الحقوق الوطني للشعب الفلطسيني. وفي هذه الدورة شعرت المعارضة بالعزلة وانفضاض بعض من كانوا يتعاطفون معها في الدورات السابقة، خاصة بعدما توحد موقف حركة فتح حول تأييد المشاركة في المفاوضات، وحول دعم الوفد المفاوض والدفاع عنه. وايضا بعدما اختارت المعارضة ملعبا غير فلسطينيا تدير معارضتها على ارضه.
وفي سياق عرض المواقف حول المفاوضات تجدر الاشارة الى ان ممثلي المعارضة في لجنة الصياغة عارضوا بشدة وقاتلوا ضد تضمين البيان اية اشارة تحية وتقدير من المجلس المركزي للوفد الفلسطيني المفاوض. وذلك للاستمرار في الطعن بمصداقية الوفد، والشرعية الممنوحة له لتمثيل الشعب الفلسطيني، وتمهيدا للمضي قدما في حملتهم الضارة وطنيا، ضد الوفد كمجموعة وكأشخاص والهادفة الى ابتزاز اعضاء الوفد واخضاعهم للارهاب الفكري والنفسي.
كما تجدر الاشارة ايضا الى ان ما تضمنه البيان من فقرات حول عملية السلام كانت محصلة للمنافشات التي داخل الاتجاه الواقعي، ولم يكن للمعارضة اي اثر في صياغتها. حيث قيل لهم بوضوح، انتم معترضون فاتركوا لنا حرية صياغة الموقف من مجريات عملية السلام بما يخدم موقفنا وتكتيكنا في المفاوضات.

الرفاق المناضلون ،،
لقد راهن الاعداء والخصوم على انفجار المجلس المركزي، وتمنى بعض المعارضين لحقوق شعبنا ان يصاب الاتجاه الفلطسيني الواقعي بالارتباك امام المرحلة الجديدة التي دخلتها المفاوضات. الا ان نتائج المجلس وقراراته جاءت مخيبة لآمالهم. وصدرت بصيغة قادرة على صيانة حقوق شعبنا ووحدته، وعلى تسليح الوفد الفلسطيني بتوجهات محددة تمكنه من مواصلة صراعه ضد العدو داخل وخارج غرف المفاوضات. وتؤكد مجريات المناقشات داخل المجلس ان القادم من تطورات على صعيد المفاوضات العربية-الاسرائيلية والفلطسينية-الاسرائيلية ان فجوة التباين والاختلاف في ساحتنا الفلسطينية مرشحة للتزايد والتوسع خلال الاسابيع والشهور القليلة القادمة، وعلينا ان لا نستبعد ان انزلاق البعض الى مواقف مقامرة، ضارة ومؤذية للديمقرا ية الفلسطيينة، ولأساليب حل الخلافات بالطرق الديمقراطية. مما يستدعي رفع وتيرة العمل والنشاط السياسي في صفوف شعبنا، وتوحيد جهود وطاقات كل الديمقراطيين الفلسطينيين باتجاه الدفاع عن الوحدة الوطنية الفلسطينية بمفهومها الوطني الشامل المجرد من العصبوية الفصائلية، وباتجاه الدفاع عن سيادة الديمقراطية في العلاقات الفلسطينية الداخلية، ودحض كل المفاهيم الضارة التي يحاول البعض تكريسها تحت شعار “العددية السياسية والعددية الميكانيكية”. وايضا باتجاه تحصين شعبنا كل التشويهات الفكرية والسياسية والتنظيمية، وضد محاولات بث روح اليأس والاحباط في صفوفه. ان انتقال المفاوضات من مرحلة حوار الطرشان الى مرحلة التفاوض الجدي يتطلب بذل جهود مضاعفة باتجاه دعم واسناد الوفد المفاوض، وتقوية مواقفه في مواجهة العدو داخل وخارج غرفا لمفاوضات. ولا شك ان تواصل الانتفاضة وتصاعد فعالياتها النضالية، وتجذر الديمقراطية والخط السياسي الواقعي في صفوف شعبنا كفيلة بتوفير مثل هذا الدعم والاسناد، وقادرة على صيانة المصالح العليا لشعبنا.

المجد للشهداء
والحرية للاسرى والمعتقلين
والنصر للانتفاضة واهدافها في الحرية والاستقلال